Teks Khutbah Jumat Bahasa Arab
مَنْ رِضَي بِالْخُبْزَةِ وَاللُّقْمَةِ وَاللُّقْمَتَيْن، صَارَ غَنِيًّا. وَمَنْ نَظَرَ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَهُ إِلَى سَيَّارَةِ النَّاسْ وَأموال النَّاسْ وَأَرْصِدَتِهِمْ، صَارَ فَقِيْرًا وَعَاشَ فَقِيْرًا وَمَاتَ فَقِيْرَا. كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَغْنَى النَّاسْ. وَيَبِيْتُ أَحْيَانًا طَاوِيًا جَائِعًا. مَا شَبِعَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فِي حَيَاتِهِ مَرَّتَيْن. يَمُرُّ الْهِلَالْ تِلْوَ الْهِلَالْ تِلْوَ الْهِلَالْ وَلَا يُوْقَدُ فِي بَيْتِهِ نَارْ وَلَا يُطْبَخُ الطَّعَامْ. وَمَعَ هذَا هُوَ أَغْنَى النَّاسْ…فَأَيُّ غِنًى هذَا؟ إِنَّهُ غِنَى النَّفْسْ.
إخوتي المؤمنون…روي في القصة أن حُبَيْبَ بْنُ عَدِيْ يقول: دَخَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم يَوْمًا مِنَ الْأَيَّامْ عَلَيْنَا وَرَأْسُهُ مُبْتَلٌّ، لَعَلَّهُ تَوَضَّأَ أَوْ اغْتَسَل وَهُوَ مُبْتَسِمْ فَرَحَ، فَقُلْنَا يَا رَسُوْلَ اللهِ نَرَاكَ طَيِّبَ النَفْسْ، قَالَ: أَجَلْ وَالْحَمْدُ للهِ. ثُمَّ جَلَسَ مَعَهُمْ فَأَخَذُوْا يَتَحَدَّثُوْنَ عَنِ الْغِنَى كَمَا نَتَحَدَّثُ نَحْنُ الآنَ.
هَلْ يَجُوْزُ أَنْ يَصِيْرَ الإِنْسَانُ غَنِيًا أَوْ لَا يَجُوْزُ؟ كَيْفَ يَصِيْرُ الْمَرْءُ غَنِيًّا وَكَيْفَ لَا يَصِيْرُ غَنِيًّا؟ فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُشَارِكُهُمُ الْحَدِيْثْ، قَالَ: لَا بَأْسَ بِالْغِنَى لِمَنِ اتَّقَى الإِخَافُ رَبَّهُ وَلَا يَأْكُلُ إِلَّا الْحَلَالْ حَتَّى لَوْ صَارَ مِلْيُوْنَار حَلَالْ. لَكِنْ بِالْحَلَالْ وَيُنْفِقُهُ بِالْحَلَالْ وَيُؤَدِّي حَقَّ اللهِ فِيْهْ، لَا بَأْسَ بِالْغِنَى. لِمَنِ اتَّقَى….هذَا هُوَ الشَّرْطْ، وَالصِحَّةُ لِمَنِ اتَّقَى خَيْرٌ مِنَ الْغِنَى. أَلَا تَرَى هُنَالِكَ مِلْيُوْنَيْرًا قَدْ فَقَدَ عُضْوًا مِنْ أَعْضَاءِ جِسْمِهِ أَوْ سَقَطَ عَلَى الْفِرَاشِ مَرِيْضًا ويَقُوْلُ وَاللهِ أنا مُسْتَعِدّ أَنْ أُنْفِقَ مَالِي كُلَّهُ وَتَرْجِعُ لِصِحَّتِي. وَالصِّحَّةُ لِمَنِ اتَّقَى خَيْرٌ مِنَ الْغِنَى. ثُمَّ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: وَطِيْبُ النَّفْس مِنَ النَّعِيْم. كُنْ طَيِّبَ النَّفْسْ، لَوْ مَا عِنْدَكَ إِلَّا كَسْرَةُ خُبْزٍ. اشكروا الله القليل يزد لكم أكثر. وَإذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيْدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيْدٌ (سورة إبراهيم: 7).
ويُرْوَى فِي قِصّةٍ أخرى، أَنَّ امْرَأَةً تَسْكُنُ مَعَ طِفْلِهَا الْيَتِيْمْ، فِي حُجْرَةٍ فِي قَرْيَةٍ مِنَ الْقُرَى الْفَقِيْرَة، لَيْسَ عِنْدَهَا سَقْفْ، وَظَلَّتْ عَلَى هذِهِ الْحَالِ سَنَوَاتْ. أَرْبَعَةُ جُدْرَان بِلَا سَقْفٌ. وَفِي يَوْمٍ مِنَ الْأَيَّامِ هَطَلَ الْمَطَرُ بِاللَّيْلِ لِأَوَّلِ مَرَّة فِي تِلْكَ الْقَرْيَةْ. مَاذَا حَصَلَ؟ اِبْتَلَّتِ الْمَرْأَةُ وَطِفْلُهَا الصَّغِيْرُ ي وَالْمَطَرُ يُغْرِقُهُمْ، فَإِذَا بِهَا تَخْلَعُ الْبَابَ الْخَشَبِيْ وَتَضَعُهُ عَلَى الْجِدَارِ تَحْتَمِي بِهِ مِنَ الْمَطَرِ. فَقَالَ الصَّبِيّ لِأُمِّهِ: يَا أُمَّاه… الْحَمْدُ للهِ عِنْدَنَا بَابٌ خَشَبِي نَحْتَمِي بِهِ مِنَ الْمَطَر. كَمِ الْيَوْمَ مِنَ الأَطْفَالِ مَنْ لَا بَابَ خَشَبِي يَحْتَمُوْنَ بِهِ مِنَ الْأَمْطَار. الله أكبر، إِنَّهَا الْقَنَاعَة. إِنَّهُ غِنَى النَّفْسْ. إِنَّهُ رِضَا بِمَا قَسَّمَ اللهُ، إِنَّهُ الْإِيْمَانُ بِأَنَّ الرِزْقَ عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلّ لَيْسَ عِنْدَ الْبَشَرْ.
أيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَام…
لَمَّا نَظَرَ النَّاسُ إِلَى قَارُوْن يَمْشِي بِحَرِيْرِهِ وَحَرَسِهِ وَذَهَبِهِ وَفِضَّتِهِ، لَمْ تَعْرِفِ الْبَشَرِيَّة مِثْلَهُ. لَمَّا رَآهُ ضِعَافُ الْإِيْمَان، مَاذَا قَالُوْا: “…… يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوْتِيَ قَارُوْن إِنَّهُ لَذُوْ حَظٍّ عَظِيْم”(سورة القَصَصِ: الآية 97). لَا عِلْمْ وَلَا إِيْمَان. أَمَّا أَهْلُ الْعِلْمِ وَالْإِيْمَان فَيَرَى الْقَنَاعَة. فيا إخوتي المؤمنون…تعالو نَجْتَنِبُ مِنَ الدُّنْيَا. ونحاول أَنْ نَقْنَعَ بِمَا قَسَّمَ اللهُ لَنَا. ثَوَابُ اللهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحَا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُوْنَ.
كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فِرَاشُهُ مِنْ جِلْدْ حَشْوُهُ لِيْفْ، إِذَا نَامَ أَثَّرَ عَلَى جَنْبِهِ. يَدْخُلُ عَلَيْهِ عُمَرُ فَيَبْكِي. يَقُوْلُ: مُلُوْكُ قِصْرَا..وَالرُّوْمُ عَلَى الْحَرِيْرِ وَعَلَى الدِّبَاجْ. وَأَنْتَ أَفْضَلُ الْخَلْقِ في العالم، أَهذَا فِرَاشُكَ يَا رَسُوْل الله؟ قَالَ: يَا عُمَرُ أَلَا تَرْضَى أَنْ تَكُوْنَ لَهُمُ الدُّنْيَا وَلَنَا الآخِرَة؟ قال عز وجل مذكرا بذلك: ……وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيْدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرِضْوَانًا وَمَا الحياةُ الدنيَا إِلَّا مَتَاعُ الغُرُوْر” (سورة الحديد: 20)
اعْلَمُوْا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الْكِرَامُ…إِنَّ ضِيْقَ الدُّنْيَا هُوَ ضِيْقُ النَّفْسْ وَسَعَةَ الدُّنْيَا هِيَ سَعَةُ النَّفْسِ. وَإِنْ شَرَحَ الصَّدْرُ فَطِيْبُ النَّفْسِ مِنَ النَّعِيْمِ. إِذَا مَا كُنْتَ ذِي قَلْبٍ قَنُوْعٍ فَأَنْتَ وَمَالِكُ الدُنْيَا سَوَاء. وَإِذَا كُنْتَ قَنُوْعًا لَمَا طَلَبْتَ شَيْئًا. فَنَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنَا مِنَ الرَّاضِيْنَ الْمُهْتَدِيْنَ الْقَانِعِيْنَ بِعَيْشِنَا وَالشَّاكِرِيْنَ عَلَى كُلِّ نِعَمِهِ العَظِيْمَة.
أَقُوْلُ هذَا القَوْلَ وَاَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِيْنَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوْهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُوْرُ الرَّحِيْمُ.
Editor: Kastolani Marzuki